ورغم أن الوضع في جنوب لبنان لا يزال يتأرجح بين توسيع الحرب، وبقرار إسرائيلي، في حين أن حزب الله لا يريدها بل يستعد لها، ونزع فتيل الانفجار، إلا أن مصدراً سياسياً وثيق الصلة بالاتصالات الجارية على المستويين الدولي والعربي، لديه انطباع بأن هناك صعوبة في توسيعها؛ بسبب المعلومات التي لديه والتي ليست متاحة لمن هم في موقع القرار، وإن كان لا يستبعد لجوء نتنياهو إلى التملص من الضغوط الأميركية، وهذا ما يقلق رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتفاوض مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بتفويض من حزب الله للوصول إلى تهدئة مستدامة في جنوب لبنان تبدأ بوقف إطلاق النار في غزة.
وأشار المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاستعدادات على جانبي الحدود بين البلدين، سواء من قبل حزب الله أو إسرائيل، لم تصل بعد إلى مرحلة التأهب القصوى، ولا تزال ضمن نطاقها الدفاعي. وما يخفيهم عن الأنظار هو تصاعد وتيرة تبادل التهديدات التي تهدف إلى رفع السقف لتحسين شروطهم في التسوية التي سيستأنف الوسيط الأميركي تسويقها غداة وقف إطلاق النار في غزة. هل يرى الحل الدبلوماسي الأميركي النور؟
وكشف أن لبنان يضع حالياً أوراقه السياسية في السلة الأميركية لزيادة منسوب الضغوط التي تمارسها واشنطن على نتنياهو، بدعم من دول الاتحاد الأوروبي التي لا تكف عبر مبعوثيها إلى بيروت وتل أبيب عن التحذير من توسع الحرب، خاصة أن قيادة القوات الدولية (يونيفيل) أبلغت من قيادة حزب الله أنها لا تنوي توسعتها، وأنها تضطر بين الحين والآخر إلى استهداف العمق الإسرائيلي رداً على استهداف العمق اللبناني في البقاع والمناطق الجنوبية الواقعة خارج جنوب الليطاني.
ورأى المصدر نفسه أن واشنطن تترقب ما أبلغتها طهران بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا وسعت إسرائيل الحرب، وهذا ما يكمن وراء تحذيرها لنتنياهو من أنها قد تمتد إلى المنطقة وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. المنطقة، وقال إن الإدارة الأميركية ترحب بذلك. ويحرص وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ومسؤولون إسرائيليون آخرون على التحذير من الانجرار إلى الحرب، لما لها من تداعيات عسكرية تمتد إلى المنطقة.
واعتبر أن الضغوط والتهديدات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل تشكل حافزاً لواشنطن للتدخل في مسعى التوصل إلى تسوية تعيد الهدوء إلى جنوب لبنان. وحذر من أن تل أبيب بدأت بتنفيذ خطة عسكرية متكاملة تهدف إلى تحويل منطقة جنوب الليطاني إلى أرض محروقة وغير مأهولة، ويستحيل أن تتمركز “قوة الرضوان” فيها، وقد تكون وعليها أن تعيد النظر في موقعها فيها، وهذا ما رواه عدد من سفراء دول الاتحاد الأوروبي.
لكن حزب الله، بحسب مصادره لـ«الشرق الأوسط»، يشعر بالقلق من ترويج مثل هذه المعلومات، وتحديداً فيما يتعلق بما يقوله بعض هؤلاء السفراء عن قدرة إسرائيل على تدمير أكثر من 60 في المئة من بنيتها التحتية العسكرية، وأنها ويتعامل معها وكأنه يأتي في إطار الحرب النفسية التي يلجأ إليها لإحباط عزيمة المقاومين.
من جهة أخرى، تتابع مصادر سياسية لبنانية الاتصالات التي يجريها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب بالتنسيق مع الرئيس بري. وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن المهلة التي حددها هوكشتاين للتوصل إلى تسوية لإعادة الجنوب إلى ما كان عليه قبل أن يقرر حزب الله الدخول في مواجهة دعماً لحماس، لا تزال سارية ولم تنته بعد.
وأكدت المصادر السياسية أن هذه المهلة تتوقف على الفترة الزمنية التي حددتها إسرائيل لإنهاء اجتياحها لرفح، وقالت إن الآمال ما زالت معلقة على الضغوط الأمريكية على إسرائيل، وتحديدا نتنياهو، بعد أن تمكنت من كسب معظم فريقه الحربي. . وبتفضيل الحل الدبلوماسي على توسيع الحرب، سألت: هل يستبق زيارته لواشنطن بوضعها أمام أمر واقع لتوسيعها؟ فماذا سيكون رد فعلها في ظل إحجامها حتى الآن عن تزويدها بالقنابل الثقيلة التي تستخدم لتدمير التحصينات التي بناها حزب الله، أو إحداث انفجارات غير مسبوقة تستهدف بنيته التحتية ومرافقه الحيوية؟
الجنوب أسير الحل الدبلوماسي الأميركي | عرب اورج
إن الوضع في جنوب لبنان يقف حالياً في منتصف الطريق بين دوامته نحو توسيع الحرب والسيطرة عليها، وصولاً إلى وقف المواجهة المشتعلة على طول الجبهة الشمالية، والتي بدأت تمتد إلى العمق اللبناني والإسرائيلي، وهذا ما يبقي الأنظار متوجهة إلى واشنطن في ضغوطها المتواصلة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والإصرار على إعطاء الأولوية للخيار الدبلوماسي على أي خيار يضع لبنان والمنطقة على حافة الدخول في حرب ستؤدي حتماً إلى زعزعة الاستقرار وتهديد الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية لا تبدو في ظل الظروف الحالية في المتناول إلا إذا تغيرت بإعطاء الأولوية للحل الدبلوماسي، بدءاً بوقف إطلاق النار على جبهة غزة، والذي من المفترض أن يمتد إلى الجبهة اللبنانية، ووقف دعم حزب الله لحماس.