إعلان
إن أي خلاف بين حزب الله والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب أو الثلاثة معاً يمكن أن يبقى في إطار سياسي مهما تفاقم، إلا أن الخلاف مع هذه الأحزاب وبكركي وقيادة الجيش في الوقت نفسه، يأخذ فوراً طابعاً مسيحياً شيعياً، مع تداعيات سلبية في المدارس والمعاهد والمستشفيات والجامعات وأماكن العمل والبلدات المختلطة والقرى المجاورة وغيرها من المساحات المشتركة، وهذا يمكن التعايش معه أو تحمل عواقبه إذا ما فرضت المعركة ذلك. وهنا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الضرر الذي لحق بالمستوى المسيحي دفع أفراد العائلات السياسية المقربة من الحزب، والتي لا تخشى على شعبيتها من موجات عابرة، إلى إصدار مواقف تضامنية مع بكركي.
إذا كان لدى الحزب نية معالجة هذه القضية، فلا بد من أخذ عاملين أساسيين في الاعتبار عند إعداد خارطة طريق جديدة للعلاقة مع بكركي، وهما:
أولاً، ورغم أن أصدقاء مشتركين بين الحزب وبكركي أوضحوا مراراً للبطريركية أن المسؤول في حزب الله الذي يتولى متابعة ملف يكون عادة أكثر أهمية من وزير أو نائب أو شخصية إعلامية معروفة، إلا أن بكركي لا تزال تتطلع إلى مستوى تواصل أعلى من المستوى القائم منذ سنوات، ما يجعل سيد المبنى يشعر بأنه ليس مجرد شخصية دينية في “ملف رجال الدين المسيحيين”.
ثانياً، تعامل البطريرك مع موقعه كأكثر من مجرد رئيس روحي لطائفة كبيرة، يفترض أن تشمل المناقشات معها قضايا سياسية وليس “شؤوناً رعوية” روحية. إضافة إلى ذلك، فإن رفع البطريرك صوته مراراً وتكراراً بشأن القرى الحدودية المسيحية كان ولا يزال فرصة للعمل المشترك بين نشاطات القرى الحدودية، برعاية بكركي والحزب والوزارات المعنية، وقطع الطريق على من يريد توسيع الهوة من جهة، وتعزيز دور المجالس البلدية وآباء الكنيسة في تلك القرى من جهة أخرى.
فمن الحركة إلى البطريركية المارونية، إلى البطريركيات الأخرى التي لم يترجم الحزب معها العلاقات الإيجابية المفترضة، إلى أصدقاء الحزب المسيحيين الذين تقول مصادره إنه يعزز آليات التعاون معهم منذ أشهر من دون أن تظهر أي نتائج إيجابية عن ذلك، ومع انتقال وزراء سابقين ونواب حاليين وفنانين ومسؤولين سابقين في أحزاب صديقة للحزب من بنك الدعم المطلق إلى بنك الانتقادات اللاذعة، لا يجوز ترك الأمر لجمهور الحزب الافتراضي، بل على هذا الأخير أن يسارع إلى فهم الأسباب ومعالجتها.