كتب ميشال نصر في الديار:
ويختتم الأسبوع السياسي باستعراض أبعاد الزيارتين اللتين قاما بهما إلى بيروت وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، وتحليل المواقف والرسائل التي تضمنتها في هذا الوقت المميز، من طرفين غابا “عمداً” عن الساحة اللبنانية طيلة الفترة الماضية، ليعودا بقوة في لحظة مفصلية محلياً وإقليمياً.
وأصر الحضور البابوي، بحسب مصادر متابعة، على التأكيد على الطابع السياسي للزيارة، والحرص على إبراز دور المسيحيين في لبنان والشرق، بالتوازي مع «أوركسترا» تعمل منذ فترة على «الحفر» بين بكركي وروما، ما يوحي بأن زيارة بارولين إلى لبنان كانت رعوية وغير رسمية فقط، وهو ما دفع كثيرين إلى الوقوع في المحظور.
وتتابع المصادر أن الصورة المعبرة والشاملة لرؤساء الطوائف الروحية في الصرح حملت معاني كثيرة، حيث قرأها البعض على أنها ترجمة سياسية لكلام النائب كميل شمعون، رغم غياب ركيزتين مسيحيتين أساسيتين، “ “القوات اللبنانية” و”حزب الكتائب اللبنانية”.
وبحسب المصادر فإن روما وجهت العصا للمسيحيين قبل غيرهم، وأوصلت رسائل واضحة إلى المعنيين، فاستمعوا إليها بشكل مباشر ومفصل، وأبرزها:
إن المنطقة تواجه تحولات كبرى وتغيرات جذرية وتطورات لم تتضح معالمها بعد، مما يجعلها مفتوحة على احتمالات جوهرية جديدة لا يجوز أن يغيب عنها العنصر المسيحي. لذلك لا بد من انتخاب رئيس يتفق عليه المسيحيون. وقد سمعنا أجواء مريحة في هذا الصدد، إذ يجب أن يكون المسيحيون على الطاولة وليس على الطاولة، وهذا هو السبب الذي يفسر رغبة بعض القوى في الداخل في إطالة أمد الشغور.
– ضرورة الوحدة والتوافق بين المكونات المسيحية، لإغلاق الطريق أمام أي تسوية وفق مصالحها، لا سيما أن تجربة حكومة تصريف الأعمال والاتفاق الثلاثي بين الثنائي – السراي الكبير – المختار غير مشجعة. وسبق أن راجعت روما الأمر مع واشنطن التي كلفت الوسيط عاموس هوشستين في إحدى زياراته إلى بيروت بحث هذا الأمر مع «بيك المختارة».
– حدد مواصفات الرئيس المقبل في أمرين أساسيين: مؤمن وساعٍ إلى تنفيذ اتفاق الطائف كاملاً، وغير مؤمن بتحالف الأقليات في المنطقة. وهنا، هناك من خلص إلى أن المعركة الرئاسية التي فتحت على مصراعيها بزيارة بارولين، غيرت معادلاتها، وأن الخيار الثالث خارج اللعبة، فالأمور تتجه نحو رئيس صدامي، ومن أحد المحاور.
– تأكيده على الدعم الكامل لمواقف الكنيسة وسقفها العالي في الشأن الوطني، ووعد بمواكبتها بحملة خارجية، حيث علم أن الوسيط الأميركي سيزور باريس للقاء لودريان الأسبوع المقبل، بعد اتصالات جرت خلال الساعات الماضية على خط الفاتيكان ـ واشنطن. وتكشف أوساط دبلوماسية أن الفاتيكان طلب تدخلاً أميركياً مباشراً من أجل إعادة التوازن إلى لبنان عبر الرئاسة، مقابل دعم اللوبي الكاثوليكي لحملة بايدن، ما دفع المرشح دونالد ترامب إلى إعلان نفسه «حامياً للمسيحيين»، بعدما ذاق مرارة العداء للكاثوليك الأميركيين.
وعليه، ترى المصادر أن ما يحدث في بكركي اليوم يشبه إلى حد كبير عام 2000 ودعوة البطاركة، وأن مواقف البطريرك الراعي التصعيدية ستستمر على وتيرتها، علماً أن المطلعين يؤكدون أن خطبه ملهمة بمقررات وثيقة بكركي التي اتفقت عليها الأحزاب السياسية المسيحية، والتي لم تر النور بعد.