إعلان
وكان حزب الله ينوي إرسال الهدهد تزامناً مع الزيارة التي قام بها المبعوث الرئاسي الأميركي عاموس هوشستاين إلى لبنان، حاملاً رسائل إسرائيلية غير مباشرة إلى حارة حريك، وكأنه يريد أن يذكره بالمسيرات التي طارت فوق حقل كريش، والتي يقال إنها لتسريع… نمط المفاوضات الذي أدى إلى توقيع الاتفاق الأول بين لبنان وإسرائيل، الذي تقاسما فيه، ولو بطريقة غير متوازنة، «خيرات» البحر من احتياطيه من النفط والغاز. .
ويقال إنه لولا موافقة حزب الله الضمنية، الذي أعلن يومها وقوفه وراء أي قرار قد تتخذه الدولة بشأن ترسيم الحدود البحرية، لما خرج إلى النور هذا الاتفاق غير المسبوق في تاريخ العلاقات المتوترة بين لبنان وإسرائيل. . أما اليوم فالوضع مختلف تماماً، خاصة أن «الحزب» يعتبر نفسه رأس الحربة في مواجهة إسرائيل وفي دعم الفلسطينيين في قطاع غزة، ولن يوافق على الدخول في أي مفاوضات سواء مباشرة أو عبر الوساطة قبل التسوية. آلة الموت تتوقف عن قتل الأبرياء في قطاع غزة، وقبل أن تتبلور صيغة التسوية الإقليمية فيما يتعلق بمستقبل الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وهو يرفض أي مقترح سواء كان أميركياً أو فرنسياً أو أممياً، ما لم تراع مصلحة الشعب الفلسطيني قبل أي شيء آخر.
الصور الدقيقة جداً وعالية الجودة التي أعادتها طائرة “الهبو” لكامل ميناء حيفا ومستوطنة كريوت وما تحتويه من منشآت عسكرية حساسة وضخمة، هي مؤشر أراد حزب الله أن يظهر من خلاله مدى قوته العسكرية القدرة على رصد العمق الإسرائيلي من جهة، ومن جهة أخرى. من جهة أخرى، هشاشة الدفاعات الإسرائيلية.
ما أراد «حزب الله» إيصاله برسائل عبر «الهدهد» إلى العدو الإسرائيلي أولاً، وإلى هوشستين ثانياً، وإلى العالم أجمع ثالثاً، هو أن «المقاومة الإسلامية» لا تخشى أي حرب إذا فُرضت عليها. وهي مستعدة لها بكل ما لديها من إمكانيات عسكرية. تمتلكها، ولعل أهمها ما تخفيه من مفاجآت لا يأخذها العدو بعين الاعتبار. أرادت أن تقول لجنود العدو أن عليهم الاستعداد منذ اللحظة لتقدير نوعية الضربات التي ينوون توجيهها في حال لجأ العدو إلى شن عمليات واسعة النطاق ضد لبنان، سواء عبر حملة جوية أو عملية برية.
رسالة «حزب الله» التي تحمل بصمة «الهدهد» إلى قيادة العدو العسكرية والأمنية هي أن بنك الأهداف الذي يفترض أنه موجود منذ زمن طويل لدى المقاومة قد تم تحديثه، لجهة تأكيد ما هو موجود وما هو موجود. مضيفاً ما هو جديد، خاصة على مستوى منظومات الدفاع الجوي، وأن هذه المجموعة من الأهداف واضحة ومحددة، والمقاومة تمتلك الأسلحة المناسبة لضربها سواء عبر الطائرات المسيرة أو الصواريخ الموجهة التي استخدمتها أو تلك التي استخدمت. ولم يظهر بعد للعلن، وقد أثبتت تطورات الأسابيع الماضية عدم قدرة العدو على إحباط أو تعطيل أي عملية.
لكن آخرين يرون في رسالة طائرة «الهبو» رسالة رادعة لإسرائيل مفادها أن الحرب ليست سهلة كما يحاول القادة العسكريون تصويرها.
إلا أن إدراج الأمين العام السيد حسن نصر الله، في خطابه الأخير، دولة قبرص في معادلة الحرب، أربك الدولة اللبنانية بكل أركانها، التي تحتاج إلى كل الدعم الممكن من أي طرف للضغط على إسرائيل للتحرك. منعها من القيام بما تخطط له في لبنان بحجة ادعائها القضاء على «حزب الله»، كما فعلت في قطاع غزة الذي حولته إلى قطاع غير صالح للسكن.