الحرب التي بدأها حزب الله في منطقة جغرافية محددة هي مزارع شبعا، تطورت على مدى 9 أشهر، لتشمل معظم مناطق الشريط الحدودي بين البلدين، مع عدم تردد الإسرائيليين في ملاحقة مسؤولين من حزب الله، حماس، والتنظيمات العاملة في فلكها، في مناطق مختلفة من الأراضي اللبنانية. لكن لو كانت هذه الحرب ستنتشر على نطاق أوسع في لبنان، هل كان المبعوث الأميركي سيغادر بهذه السرعة؟ وعلى الأغلب، فقد تأكد أن الطرفين لا يريدان المساس بالصفقة الكبرى التي توصلا إليها، بعد أكثر من 20 عاماً من المفاوضات، وهي ترسيم حدود الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
وهذا هو بالضبط المكان الذي أشار فيه هوكشتاين إلى “مصلحة الجميع”. والجميع هو المستفيد، دولاً وشركات ومجموعات، من اتفاقية الحدود الغازية التي أبرمتها الدول عام 2022، وبرعاية أميركية، ممثلاً بهوخستين نفسه.
يعرف هوشستاين جيدا أن إسرائيل هي الرابح الأكبر من غاز البحر الأبيض المتوسط منذ اكتشاف أول حقل غاز في بحر غزة وكان يسمى “غزة البحرية” عام 2000. وحينها تغيرت حقائق إسرائيل وأهدافها، وانسحبت من جنوب لبنان. دون اتفاق، واتجه نحو السلطة الفلسطينية، فدمر «اتفاقات أوسلو». وبُني كل شيء وفقها، وبدأت تغرف الغاز من البحر حتى اكتفيت ذاتياً، ثم اهتمت بطموحات التصدير. كانت هناك اكتشافات متتالية بمليارات الدولارات، واتفاقيات وشراكات مع دول الجوار، لكن بقي أمامها عائقان: بحر لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله، وبحر غزة الذي يسيطر عليه حزب الله. حماس.
وبعد مفاوضات طويلة استغرقت نحو 20 عاماً برعاية وتدخل أميركي، تم التوصل إلى اتفاق مع لبنان. وتظل المشكلة الأخيرة تتعلق ببحر غزة. قبل هجوم 7 أكتوبر، ترددت أنباء عن توقيع اتفاق مماثل للاتفاق اللبناني مع السلطة الفلسطينية في رام الله، مما يعني أنه لن يبقى لحماس سوى “خافي حنين” التي تسيطر على قطاع غزة. منذ عام 2005، وكل ما فعلته تجاه الإسرائيليين سيذهب سدى. ومنها عدم مشاركتها في المعركة التي تخوضها «الجهاد الإسلامي» ضد إسرائيل عام 2022، تحت عنوان «وحدة الساحات»، وليس هناك ساحات ولا من يحزن.
في 7 تشرين الأول/أكتوبر، بدأت مخاض أوضاع جديدة، سياسياً وأمنياً واقتحامياً، لكنها لم تنته بعد. استعدادات حماس للعملية لم تكن مفاجأة لإسرائيل. بل كانت تنتظر تنفيذها لتشن حربها الكبرى للقضاء على كل من يقف في وجه مصالحها داخل غزة. لكن ما حدث فجر ذلك اليوم كان كبيرا جدا ومفاجئا للطرفين: حماس التي لم تكن تتوقع أن اختراق الجدار العازل سيمهد لعملية بهذا الحجم، وإسرائيل التي استيقظت على احتلال مناطق أراضيها وسقوط نحو 240 أسيراً من جيشها وشعبها في أيدي المهاجمين.
وجاء الرد بقرارين رئيسيين: تفعيل إسرائيل لقانون هانيبال الذي يقضي بقتل الخاطف والمخطوف لاستعادة الأرض، ولا يزال القانون ساري المفعول حتى هذه اللحظة. وأرسلت الولايات المتحدة بعضاً من بوارجها وحاملات طائراتها لتقول للمتحمسين إن زوال إسرائيل محظور.
وظن الناس أن في مقدمة هؤلاء المتحمسين «حزب الله»، خاصة أن وسيلة إعلامه كانت تنشر ما قيل عن أن للحزب كتيبة تسمى «لواء الرضوان» ومهمتها في المعركة المقبلة مع إسرائيل. ، كان لاحتلال الجليل والدخول في اشتباكات على أراضيه. لكن ما فعله الحزب على الأرض، بعد 24 ساعة، هو إطلاق النار باتجاه مزارع شبعا، وقد فهم المعنيون الرسالة بأنه لن يفعل أكثر من ذلك.
ومرت الأيام والأسابيع والشهور، ولم يبق حجر على حجر في قطاع غزة، وسقط أكثر من 40 ألف شهيد وضعف هذا العدد من الجرحى. ولم يفعل الحزب مع إسرائيل أكثر من مناوشات واشتباكات في العقول الأمنية، ولم ولن يقدم لإسرائيل سبباً وجيهاً لتوسيع الحرب لتشمل لبنان كله. فهو لم يحتل متراً واحداً من أراضيها، ولم يأسر جندياً واحداً من جنودها، ولم يستهدف أياً من منشآتها الاقتصادية أو السكنية. كل ما يفعله حلال، وهو استهداف المواقع العسكرية ونشر فيديوهات لمسيرة نجحت في عبور الحدود.
وحالما عاد هوكشتاين إلى واشنطن، كان أول من استقبله هو وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي أبلغه أن الانتقال إلى «المرحلة ج» (صراع منخفض الحدة) في حرب غزة سيؤثر على جميع الجبهات.
ورغم أن البيان مقتضب، إلا أنه يوحي بأن هناك انتقالاً إلى المرحلة الثالثة في غزة، وبالتالي سيكون هذا التأثير «إيجابياً» في تهدئة جبهة الجنوب اللبناني، ويبقى الاهتمام الكبير الذي تم التوصل إليه باتفاق الغاز قائماً بانتظار الاتفاق. نهاية «سفر غزة».. فبشأن التصريح. عن أي توسع للحرب تتحدثون؟
Subscribe to Updates
Get the latest creative news from FooBar about art, design and business.
كتب مالك الققور في «الشرق الأوسط»: قبل أيام زار المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين عراب الاتفاق اللبناني الإسرائيلي تل أبيب وبيروت في مسعى لمنع تحول المواجهة من جبهة محدودة في لبنان. جنوب لبنان إلى مواجهة مفتوحة. وظن متابعون أن «خطورة» الوضع ستبقيه في المنطقة أياماً، لكنه عاد إلى واشنطن، بعد أن قال في بيروت: «من مصلحة الجميع حل النزاع سريعاً وسياسياً، وهذا ممكن». ضرورية وفي متناول اليد.”
المقالات ذات الصلة
اترك تعليقاً