وهنا يخفي أكثر من طرف لبناني اعتراضه على توجه ألمانيا تجاه الحرب في غزة، وكيف أنها لا تتردد في أي محفل أو اجتماع دبلوماسي في تبني وجهة النظر الإسرائيلية، على عكس الدول الأوروبية الأخرى الداعمة للقضية الفلسطينية، مثل مثل إسبانيا وأيرلندا والنرويج وسلوفينيا وغيرها. ولم تحمل بيربوك معها أي رسائل تهديد من إسرائيل. بل اتسمت جلساتها مع ميقاتي وبوحبيب بالاستقصاء والاستطلاع، وطرحت جملة من الأسئلة، دون التقليل في الوقت نفسه من المخاطر التي تواجه المنطقة ما لم يكن هناك وقف لإطلاق النار يبدأ من غزة، مع إمكانية انسحابه عند الساعة 10:00. في أي وقت. جنوب لبنان.
ونقل الضيف الألماني في المعلومات أجواء من إسرائيل مفادها أن رئيس وزرائها المحاصر بعدد من المشاكل لم يغلق باب الاعتماد على القنوات الدبلوماسية في غزة وشمال إسرائيل. وهناك عدد من العقبات، بحسب أكثر من هيئة دبلوماسية غربية وعربية، تتحدث عن عدم قدرة نتنياهو في هذا الوقت على شن حرب كبرى على لبنان، خاصة أنه تعهد للمستوطنين الذين تركوا منازلهم بإعادتها إليهم. قبل العام الدراسي في الأول من سبتمبر المقبل. كما أنه لم يتمكن من القضاء على حركة حماس أو استعادة الأسرى الإسرائيليين.
ولم يحمل بيربوك أي رسالة لحزب الله، مذكراً بأن مسؤولاً كبيراً في الاستخبارات الأمنية زار بيروت قبل شهرين والتقى بنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ولم ينقل حينها تهديداً من إسرائيل، بل تحذيرات. من خطورة شن حرب كبرى على لبنان واحتمال خوضه حرباً. لمثل هذا الخيار. ولا توجد اتصالات اليوم بين المسؤولين الألمان وقيادة الحزب، باستثناء احتفاظ الحزبين بـ«خط أمني» بينهما يمكن اللجوء إليه عند الحاجة، رغم تصنيف ألمانيا للحزب إرهابيا. وسبق أن رعت برلين وساطة بين إسرائيل والحزب أدت إلى إطلاق سراح أسرى لبنانيين من السجون الإسرائيلية.
في غضون ذلك، لا يخفى على أحد، بحسب المتابعين لأداء السياسة الخارجية الألمانية وحركة بيربوك، أن أولويتهم هي مواكبة الحرب في أوكرانيا وتقديم الدعم المالي والعسكري للأخيرة. وتعد ألمانيا أول دولة أوروبية تدعم إسرائيل، حتى أنها زودتها بمجموعة من الطائرات بدون طيار الحديثة وغيرها من التقنيات العسكرية، ويعتبر المسؤولون والدبلوماسيون الألمان أن دعمهم لإسرائيل يصب في المصلحة العليا والأمن القومي.