ويتواصل الترويع الذي يتعرض له لبنان منذ عدة أيام بالتوازي مع التهديدات الإسرائيلية بشن ضربة كبيرة ضد حزب الله في لبنان وسوريا بعد انتهاء معركة رفح التي تحتاج إلى أسابيع قليلة جداً بحسب تقديرات الحكومة الإسرائيلية. وشهدت المرحلة الأخيرة وساطات غربية كبيرة واتصالات مع بيروت وحارة حريك من أجل التوصل إلى ما يسميه هؤلاء الوسطاء السيطرة على الجبهة ومنع توسعها، وصولاً إلى وقف إطلاق النار في لبنان بالتوازي مع انتقال الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من الحرب. في غزة.
وبحسب مصادر مطلعة فإن الهدف الحقيقي من كل ما يجري هو إجبار الجبهة اللبنانية على وقف دعمها العسكري لغزة مع بدء المرحلة الثالثة، والتي ستتضمن وقف الحرب البرية وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن الكبرى في القطاع مع الاحتفاظ بقوات كبيرة هناك، لتنفيذ عمليات اغتيال أو اجتياح عند الضرورة، ولكن عملياً فإن الحرب بمعناها المرتبط بالنيران المكثفة والعمليات البرية ستتوقف، دون الإعلان عن ذلك بشكل واضح، مع استمرار احتلال غزة والسيطرة عليها وعدم تسليمها لأي سلطة محلية حتى لو لم تكن حماس.
وترى المصادر أن واشنطن ترى أنها قادرة على إقناع حزب الله بوقف الجبهة في لبنان، وهذا يتطلب ضغوطاً من عدة أنواع، لتكون المفاوضات والتسوية مع الحزب مربحة للأميركيين وبالتالي لإسرائيل. ولذلك فإن إلزام الطرف أو إقناعه بوقف إطلاق النار لا يكفي، بل هو المطلوب. وهي تسوية مرضية ومناسبة، ولا تؤدي إلى الإخلال الدائم بميزان القوى بين الحزب وإسرائيل لصالح الأول. الضغوط التي تجري اليوم قد تكون مجرد محاولة لجعل حارة حريك تعتقد أن الحرب لا مفر منها إذا لم يتم تقديم التنازلات.
وتشير المصادر إلى أن التهديدات الإسرائيلية يصاحبها بشكل جدي حشود عسكرية وفنية إسرائيلية باتجاه الحدود اللبنانية، وهو ما يعطي «مصداقية» أكبر للحكومة الإسرائيلية التي تحطمت «مصداقيتها» بسبب التهديدات الفارغة المتكررة منذ بداية العام. “طوفان الأقصى”. وعليه فإن المرحلة المقبلة ستشهد إجراءات إسرائيلية تظهر جدية أكبر في بدء عملية التصعيد في الأيام المقبلة، علماً أن واشنطن لا تعطي أي ضوء أخضر من خلال تصريحاتها للإسرائيليين لبدء تصعيد ممنهج في الجنوب.
وتعتبر المصادر أن التسريبات التي حصلت بشأن مطار بيروت لا تخرج عن سياق الضغوطات التي يراد فرضها على الدولة اللبنانية والمجتمع اللبناني من أجل زيادة الضغوط بدورها على حزب الله. وكذلك التحذيرات الدبلوماسية التي تصل إلى لبنان والتي تحسم احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بشن حرب واسعة النطاق عليه… وإذا فشلت الوساطات فإن الحزب سيخدم الهدف نفسه، وكذلك التصريحات الصادرة عن السفارات الغربية التي تدعو إلى على مواطنيها توخي الحذر وعدم تشجيعهم على زيارة لبنان.
كل ما سبق يدعم فرضية أن التصعيد والضغوط الحاصلة اليوم هي دليل قاطع على أن الحرب الشاملة لن تقع، وكل التحذيرات هي محاولة للتعويض عن عدم إمكانية خوض معركة عسكرية ضد الحزب، وعليه فإن الترهيب سيستمر في الأسابيع المقبلة، وأي تصعيد يحدث لن يرقى إلى مستوى الحرب الشاملة، بل سيبقى تصعيداً محدوداً.